الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

الحمل ودماغ الأمّ

إنَّ الحمل والأمومة يغيران بنية دماغ أنثى الثَّدييات،مما يجعل الأمهات أكثر اهتماماً بصغارهن وأحسن رعاية .
ـــــــــــ
*إنّ الأمهات يُصنعن ولايولدن أمهات

- وفي واقــــع الأمر،فإن إناث الثًّدييـات كـــافة،بدءاً من الجرذان والنسانيس إلى البشر،يُـعانيـن
(تغيرات وظيفية سلوكيَّة) في أثناء الحمل والأمومة،فالأنثى الَّتي كانت ذات يوم كائناً موجهاً إلى

ذاته بقدر كبيرومكر ِّساً نفسه لاحتياجاته وبُقياهsurvivaتصبح كائناً محــور اهتمامه رعايــة

أولاده ورفــاههم.

- ومع أن العلماء لاحظوا هذا التَّحول منذ زمن طويل ودهشوا له،فأنهم لم يبدؤوا إلا قريباً بفهم مسبباته.

فقد أظهرت الأبحاث الجديدة أن التّموجات الهرمونية المثيرة الَّتي تحدث أثناء الحمل والولادة والإرضاع

يمكن أن تعيد (نمذجة دماغ الأنثى) بحيث تزيد حجم العصبونات في بعض مناطقه وتحدث تغيرات بنيوية
في مناطق أخرى منه.
-إنَّ بعض هذه المناطق يضطلع بتنظيم سلوكيات أموميَّة(maternal) من مثل بناء الأوكار والعناية
بالصِّغار وحمايتهم من الضَّواري،في حين تضطلع مناطق أخرى بضبط الذَّاكرة والتَّعلم والاستجابات تجاه
الخوف والكرب.
- وقد أظهرت تجارب حديثة أن الجرذات الأمهات يَفُقْنَ الجرذات العذاري في اجتياز المتاهات،واصطياد الفرائس.
كما يمكن أن تفضي التَّغيرات الدِّماغيَّة الَّتي تسببها الهرمونات،إضافة إلى حثِّها الأمهات على رعاية نسلها،
إلى تحسين قدرة الأمّ على جمع العلف والغذاء،الأمر الَّذي يمنح جِراءها(her pups) فرصة أفضل للبقاء
أحياء.وأكثر من هذا،يبدو إنّ االفوائد المعرفيّة المكتسبة تصـير أكثر ديمومــة عند الجرذة الأم،إذ تبقى
هذه الفوائد حتى تصل الجرذة الأم مرحلة متقدمة من العمر.
-ومع أن دراسات هذه الظّاهرة قد ركزت حتى الآن على القوارض.فمن المحتمل أن إناث البشر(يجنين)
كذلك فوائدعقليّة طويلة الأمد من الأمومة.فمعظم الثدييات يتشارك سلوكيات أمومية متشابهة،
ربما تتحكم فيها مناطق دماغية متماثلة لدى البشروالجرذان سواء بسواء.وفي الحقيقة ،
اقترح بعض الباحثين أن يكون تنامي السلوك الأمومي قد شكَّل واحداً من المحركات والدوافع
الرئيسية لتطور دماغ الثدييات،ففي زمن نشوء الثدييات
من أسلافها الزواحـف تحـولت استـراتيجيــة تناسلها من ظاهرة (اقذف البيــوض واهرب) إلى ظاهـرة
(دافع عن الوكر) ويمكن أن تــكون الفوائـدالانتقائيــة لهذه المقاربــــة الأخيــرة قد رجّحت ظـهور
تغيـرات دماغية هرمونيـة ومانجم عنـها من سلوكيــات مفيــدة.وفي الواقـع باتت اليـد الَّتي تـهز
مهد الصغير هي الَّتي تحكم العالم.
- هذا مقتطف من بحث علمي طويل و شائق جداً.. صادر عن مجلة العلوم الأمريكية في النسخة العربيّة
الورقيّة ،المجلد 22/العددان3/4،مارس/أبريل 2006.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هناك تعليق واحد: